ليتني الآن ابنَ خمسِ

ليت يومي صار أمسِ

قَدَمِي ما ذاقت النَّعْلَينِ بعدُ

وقميصيَ الدَّمُّورُ مَلآنٌ غُبَارَا

ونواةُ “الكُدَّةِ” الرَّبدَاءِ في جيب قميصي

و “كُدُنْدَارٌ” تَمَشَّىَ في قميصي

وهنا “قَلابَةُ” القُمْرِيِّ في جَيبِ قَميصِي

وبقايا التمرِ والفُولِ الذي وضعتهُ أمِّي

كُلُّ هَذَا وخَليطُ النَّبَقِ الأصفرِ في جيبِ قَميصِي.

تحت ظل الشجر الوارف في نصف النهارْ

أُنزِلُ العُلَّيْفَ للغنمِ الهائمةِ السوداءِ عندي في الجوارْ

هارباً من فَلْقَةِ الشيخ ومن سَوْطِ “الحُوَارْ”

لَوْحِيَ الخشبيُ مَشْقُوقٌ ومسنودٌ على رمل الجِدارْ

وجهي الأغبرُ من طينٍ ومن حِبْرِ “العَمَارْ”

وبقايا الزيت من طعميةٍ نِصْفَ النَّهَارْ

ليتني عدتُ ابنَ سبعٍ

راكضاً كالجدي أو فوق حمارة

بين بيتي والجزارة

وقميصي بين فَرْثٍ ودمٍ

هو عنوان القَذَارة

والزِّفارة

غير أني طاهر فالقلب عنوان الطهارة.

ليتني كنت ابن تسعٍ

بين بيتي والجزارة

وأخى “معنى” ورائي ورديفي في الحمارة

ونواة البلح المُطْفَأِ في أذرعنا رمزُ الشَّطَارة

وأبي ينفث من ضيقٍ سيجارة

يرمق اللحمةَ والشَّحمَ المُثَنَّى والمَرَارَة

“يا خَسَارة” “يا خَسَارة”

ليتني عُدتُ صبياً

وغبياً

وفتياً

كل همي

لعبة الشُّرَّابِ صُبحاً وعشياً

حيث شَدَّتْ

أو بِشَلَّقْ

أو شِلَيْل

كل لَيْل

ونداء الصبية الآتي وراء الليل يدعوني “ابنَ رَيَّا”

وأنا كالسهم منطلقاً ومجتاحاً حمياً

يالذياك الشباب

فرَّ من تحت الثياب،

ومضى مثل السراب

ياخسارة

ياخسارة