(نيلوفوبيا) أو(رهاب النيل) رواية واقعية تحكي قصة مروعة هي مأساة احتراق وغرق الباخرة (العاشر من رمضان) في بحيرة النوبة بشمال السودان وجنوب مصر وعلى متنها ستون طالبة من طالبات ثانوية (الجريف شرق) أثناء عودتهن من رحلة مدرسية قمن بها إلى مصر في منتصف ثمانينيات القرن الماضي (1984 – 1985) حيث احترقت وغرقت معظم الطالبات ومعهن إدارة المدرسة أيضاً وذلك ضمن ثلاثمائة راكب آخر غرقوا جميعاً ولم ينج منهم إلا القليل ليحكي عن هذه المأساة التي هزَّت المجتمع السوداني في تلك الفترة وتركت آثاراً عميقة في أنفس عدد ضخم من الأسر المكلومة.
يسرد بطل الرواية الشاب عبد العزيز (عِزُّو) أحداث المأساة التي شهدها حين كان يعمل معلماً ومرافقاً لأولئك الطالبات وذلك حين يحكي سيرته الذاتية منذ الطفولة حيث عاش في إحدى القرى الواقعة شرق النيل الأزرق لينفذ من خلالها إلى المؤثرات الإجتماعية التي شكلت شخصيته وحادث غرق صديق الطفولة الذي أوجد في نفسه رهاب النيل وظل ملازماً له طوال حياته. كما يعرض حكاية الخوف من النيل وعلاقة السكان به عبر التاريخ وحكاية ضحية النيل منذ القدم وذلك من خلال حوارات فلسفية يجريها بطل الرواية مع النيل حيث يقوم بتجسيده وتشخيصه ليجري معه تلك الحوارات.
تعالج الرواية الارتباط الوثيق لسكان القرى الواقعة على ضفتي النيل، بالنيل كمصدر حياة لهم كما تقدم وصفاً واقعياً لحياة الطفولة في تلك المنطقة خلال ثمانينيات القرن الماضي وتحكي بعضاً من جوانب الحياة الطلابية والمدرسية والحياة السياسية للطلاب في الجامعات السودانية. تبدأ أحداث الرواية في “العيلفون” تلك القرية التاريخية التي تعتبر أنموذجاً حياً وشاخصاً لأنماط الحياة في القرى السودانية في تلك الفترة لكونها تجمع بين الحياة الدينية وأنماط المجتمع بتنوع أساليب العيش فيه. كما تتناول الرواية بعض الجوانب التاريخية للمنطقة وتربطها بحاضر وحياة سكانها والعادات والتقاليد في القرية والجوانب الأدبية والفنية لسكان القرى في تلك الفترة.
تصف الرواية أيضاً حياة الطلاب في خلاوى حفظ القرآن والطرق التقليدية المتوارثة لتعليم وتحفيظ القرآن في القرى الواقعة شرق النيل. الرواية تتضمن وصف الرحلة بالقطار من الخرطوم إلى مصر وجوانب الحياة الاجتماعية في منطقة شمال السودان وارتباط تلك القرى والمدن بالسكة الحديد والمسافرين كما تصف بعض الأماكن التاريخية والأثرية في القاهرة وجنوب مصر وتصف في مشاهد مروعة حادث غرق الباخرة وما تلاه من أحداث. الرواية مليئة بالجوانب الإنسانية في لغة شاعرة وأحداث متتابعة تشد القاريء وتتنقل بين الواقع والخيال بحرية وسلاسة.

اذهب إلى الأعلى