رؤيا عائشةفى المرة الوحيدة التى التقيت بها بالمفكر الكبير إدوارد سعيد فى منزل أستاذتي ومشرفتي في مرحلة الدكتوراة الدكتورة فريال جبوري غزول قبل رحيله فى 2003 وكنت أكتب عن كاتب مفضل لديه وكذلك تلميذه وهو الكاتب الأمريكى الأشهر بول أوستر. كنت طالبة صغيرة صامتة فى حضور الكبار، وكان سعيد دائماً ما يتحدث عن همّه الأكبر متمثلاً في العلاقة بين الشرق والغرب، بينما وجدتنى استأذن في سؤاله قائلة: لماذا لا تكتب نقداً ادبياً كثيراً على الرغم من تدريسك للآداب السردية المقارنة في جامعة كولومبيا. أجاب سعيد بهدوء وروية لأنني قلما أجد الكاتب حريف السرد. استفسر الحضور كيف يكون الكاتب حريف سرد! قال سعيد: حريف السرد هو الذى تعلو لغته فوق أحداث النص. هو الكاتب نادر كتابة الحوار في نصه الروائى. تذكرت تلك الواقعة وانا أقرأ للكاتب الكبير فخر السودان الحبيب: عمر فضل الله، الكبير قيمة وقامة ومن يقرأ له ويتعمق في عالمه الروائي في لغة شديدة البلاغة محسوبة الإمتاع كتبها كاتب بقلم مدرب وحفظ التاريخ وتماسه مع الواقع تضفيراً لنص يتجاوز العوالم التقليدية. من يقرأ له مدين بالكثير فأنا مدينة بمتعة القراءة لنص أنفاس صليحة (الجدة العظيمة التى يشهدها الحفيد على الواقع الذى صار أكثر إيلاماً) وكذلك نص رؤيا عائشة والتناص المبهر بالقرآن الكريم. نصان بطلهما بلا منافس اللغة الإبداعية العميقة لكاتب يتعب ليؤسس ثقافة جيل عبر نصه التاريخى الذي تجاوز المفهوم التأسيسي لجورج لوكاتش في كتابه الأشهر “الرواية التاريخية”. اقرأوا يا أصدقائى لعمر فضل الله تجدون متعة شائقة في نصوصه.

الدكتورة عفاف عبد المعطي. دكتوراه الأدب المقارن – الجامعة الأمريكية بالقاهرة.