الفائز بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي 2018 

• أملك مشروعاً روائياً يوثق للسودان

• الرواية الفائزة تشريقة المغربي هي سياق آخر للمهاجر العربية 

• أعمالي تمزج الواقعية السحرية بالرؤية التاريخية 
• روايتي القادمة “رؤيا عائشة” ستتناول حياة المهدي الخاصة


الدكتور عمر أحمد فضل الله الكاتب والروائي والباحث مابين العلم و والإبداع، فهو متخصص في تقنية المعلومات وعلوم الحاسوب وعلى مستوى الإبداع جمع بين الشعر والسرد والدراسة المعرفية والاسلامية وتحقيق التراث، وتزدحم مسيرته العلمية والإبداعية بالانجازات، نالت روايته “تشريقة المغربي” أخيرا جائزة الطيب صالح للرواية، وفي هذا الحوار معه نتعرف على كتابته الإبداعية ونلقي الضوء على أعماله 
حوار: عيسي جديد 
تخصصت فى كتابة الروايات المعرفية التي تهتم بالتوثيق للأحداث التاريخية الممزوجة بالواقعية السحرية؟
في حقيقة الأمر أريد أن أصحح شيئاً هو أنني أكتب روايات تلعب فى ميدان التاريخ، فيوجد ما يعرف بالرواية التاريخية ويوجد جدل كبير حولها، لكن ما أكتبه أنا هو الرواية المعرفية التي تمزج التخييل بالحقائق التاريخية لتحث القاريء على العودة الى قراءة التاريخ. فالتاريخ ليس حقيقة منتهية الصلاحية بل هو شاخص في حاضرنا بأسره، ورواياتي تثير أسئلة كثيرة جداً ، فالوقائع الممثَّلة في التخييل ليست كلُّها بالضرورة متخيلة، وذلك مثلما هو في أعمالي وخاصة الرواية الفائزة بجائزة الطيب صالح العالمية “تشريقة المغربي” فقد أسستها على وقائع تاريخية مؤكدة، أستغل فيها فراغات التاريخ وفجواته فأُدخل فيها شخصيات وأحداثاً مستوحاة من خيال المؤلف. أنا مهتم بهذا المجال لأني أريد أن أقدم للناس مشروعاً ثقافياً عبر كتابة الروايات ليس من أجل المتعة فقط بل من أجل المعرفة أيضاً ويمكنك القول أن أعمالي تمزج الواقعية السحرية بالرؤية التاريخية..
مقاطعا …الشاهد أن كتاباتك تتكيء على الذاكرة التاريخية لوسط السودان دون غيره فلماذا؟
نعم أكتب عن تاريخ وسط السودان المنسي فالطيب صالح كتب عن شمال السودان وإبراهيم اسحق كتب عن غرب السودان وغيرهم كتب عن شرق السودان وهذا ليس انحيازاً للمناطقية ولكنه سد للفراغات التاريخية المنسية للحضارات ولذلك اخترت الكتابة عن دولة علوة قياماً وسقوطاً وكذلك دولة سنار والسلطنة الزرقاء قياماً وسقوطاً وكذلك مجيء الأتراك وأثرهم فى المنطقة والآن أكتب عن المهدية..
هنالك لغط وجدل حول الكتابة التاريخية، فهناك كتاب يجيررون بعض المواقف ويحاولون تغييرها دون غيرها فكيف تتخطى هذا الاتهام فى كتابتك للرواية المعرفية؟
في الواقع لا أكتب الرواية هكذا لمجرد الكتابة، لكني أحتشد لها بكل الوثائق والمعلومات مع المقارنات والتفحص، وأقرأ كل ما كتب وأخرج بأسئلة كثيرة حتى التاريخ المنسي لذلك الرواية تحكي وتطرح أسئلة حائرة وهذا فى جميع أعمالي مثل رواية “ترجمان الملك” و”أنفاس صليحة” 
هل لديك تجربة مشاركة سابقة في جوائز للروايات وماهي؟
أذكر أني من قبل هذه فوزي بهذه الجائزة شاركت مرة واحدة فقط في إحدى الجوائز العربية المشهورة وكانت تجربة جعلتني أزهد فى المشاركات فروايتي تم اختيارها ضمن القائمة وترشيحها للفوز لكن تبين أن الرقم الدولي الموحد للكتاب الذي تحمله الرواية (ردمك) (ISBN) والمخصص للسودان غير مفعل لأن السودان لم يسدد الإشتراك للمنظمة لذلك تم استبعاد روايتي ولم تنافس، وعند سؤالي للمسئولين بالمكتبة الوطنية السودانية قالوا نحن نسدد إيرادات المكتبة منتظمة الى وزارة المالية لكن المالية لم تدفع رسوم تجديد الاشتراك لانها بالعملة الاجنبية والعملة الاجنبية موجودة ببنك السودان ولذلك فأي كتاب يطبع فى السودان لا يدخل ضمن منظومة المجتمع الدولي للكتاب والسبب هو عدم تسديد الاشتراكات. 
تفاصيل مشاركتك فى جائزة الطيب صالح وفوزك بها حدثنا عنها ؟
جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي أصبحت تظاهرة ثقافية وعيداً ينتظره الناس كل عام للمرة الثامنة على التوالي في احتفائهم بعبقري الرواية العربية ذاك الذي صنفت روايته “موسم الهجرة إلى الشمال” ضمن أعظم مائة رواية في القرن العشرين. ومشاركتي جاءت بعد نصيحة من صديقي الأستاذ الدكتور عثمان أبوزيد بالمشاركة وشاركت وفزت والحمدلله 
وماذا عن الرواية التي فازت بالجائزة “تشريقة المغربي”؟
هي رواية تجمع بين الخيال والواقع والعنوان تروي حكاية الشاب المغربي الذي هاجر شرقاً وهو رمز لهجرة المغاربة من المغرب العربي إلى السودان حيث كان لهم الأثر والدور الكبير فى السودان فى التمازج وهذا الرمز “عبد السميع المغربي ” فى الرواية هو كاتب حجج السلطان مثل مسجل عام الأراضى اليوم بالسودان. وقد شهد مجلس السلطان وعرف القادة وهكذا نجد الأسئلة فى سيرته بجانب السؤال عن ماهو دور الشيخ إدريس بن محمد الأرباب فالرواية مليئة بالحراك والصراعات فى تلك الفترة والثروات الهائلة التي كانت فى السلطنة 
الكتابة الروائية التاريخية تحتاج الي جهد لغوي ومفردات مختلفة لتحشدها في النص كيف تمكنت من اللغة بهذا الشكل ؟
أنا أقرا فى التاريخ كثيراً ومطلع على ما كتب عن السودان، واستفدت أيضاً من دراستي للقران الكريم وحفظي للشعر الجاهلي القديم وعندي ملكة اللغة العربية فقد شهد لي الأستاذ الدكتور عبد الله الطيب بذلك وبحمد الله منحني الله الخيال. 
الرواية السودانية الآن أين تقف؟
الرواية السودانية تقف على أرض صلبة فهي قد مرت بفترات مختلفة لكنها متصاعدة فمنذ السبعينات كانت عن أثر الاستعمار والوطنيات والاجتماعيات مروراً بالثمانينات والتسعينات التي كانت سياسية بامتياز والان في الألفية اتجه البعض إلى الكتابة التاريخية والبعض كتب عن تجاربه الشخصية وعن طبقة معينة من المجتمع وفيها لون سياسي يهتم بالهامش والأطراف لكنني أكتب روايات معرفية عن أثر التاريخ فى الحاضر وأطرح التساؤلات ..!!
إذا ماهو مشروعك الروائي القادم ؟
أكتب روايتين الأولى “المنتظر وفق رؤيا عائشة” زوجة محمد احمد، وهي رواية تتكلم عن المهدي عبر رؤيا عائشة وعن الحياة الخاصة لمحمد احمد وكيف تقدم اليها يخطبها وكيف كانت معه في أيامه الاخيرة قبل وفاته ومنها تدلف الى دعوى مهديته.. 
مقاطعا ..الكتابة عن تاريخ المهدية يفتح جدلا لا ينتهي، ما هي مصادرك التي سوف تتناول منها هذه الرواية المثيرة للجدل من الان ؟
نعم أنا كاتب جريء ومستعد للنقاش والحوار والدفاع عن ما أكتبه و في الحقيقة أقصد أن أثير هذا الحراك الثقافي التاريخي لان ما أكتبه لا تستطيع أن تحاكمه تاريخياً لكنك تسطيع أن تحاكمه أدبياً إلا إن جانب المتفق عليه في التاريخ وكما قلت لك سابقا فأنا أحشد كل المصادر من أجل الكتابة المعرفية ومصادري هنا فى هذه الرواية مستندة الى جدنا الفحل الذي حين كان صغيراً كان يجلس فى مجلس الياس باشا ام برير فى امدرمان وكان والده القاضي الفكي الطاهر أحد قضاة المهدية. وكل ذلك سوف يكون فى الرواية التي لا أريد إفسادها الآن…!!
لكن هنالك من يتهم الذين ينقبون بالكتابة عن سيرة المهدي بالباحثين عن الشهرة؟
لا أظنني من هذا النوع فأنا أكتب للمعرفة، ومعلوم أن بعض الكتاب كتب عن النبي صلي الله عليه وسلم وعن الصحابة، فلماذا نعتقد أن الكتابة عن المهدي تثير مثل هذا الجدل؟ ويتهيبها الناس وتعتبر الكتابة عنها خطاً أحمر؟ المهدي شخصية سودانية لها أثرها التاريخي بايجابياته وسلبياته ومن حق أي شخص أن يتناول سيرته دارساً ومحققاً. 
وماذا عن الرواية الاخري التي تشرع أيضاً فى كتابتها الان؟
هي رواية باسم “ذاكرة الارض” وهي تعالج فترة دخول الاتراك للسودان وتوثق لممارستهم وتتبع تحركهم في السودان.
هل يمكن تحويل أي من رواياتك التاريخية الى فيلم سينمائي ؟
ليس لدي أي مانع متي ما وجدت كاتب اليسناريو الممتاز لتحويل أي عمل روائي لي الى فيلم مشوق وأكشف لك سراً بأن رواية “ترجمان الملك” سوف يتم تحويلها الى فيلم وهنالك وأستعد هذه الأيام للسفر الى هوليوود لمزيد من النقاش حول صناعة الفيلم!!