خواطر فنية – صلاح عمر الشيخ

صلاح عمر الشيخ

صلاح عمر الشيخ

coverالمزج بين الخيال والحقيقة والتراث والتاريخ أسلوب يجعل ترجمان الملك رواية عالمية ومرآه ساطعة تعكس زمان وأحداث هجرة الصحابة الى الحبشة برواية أحد سكان مدينة سوبا حاضرة مملكة علوة المسيحية آنذاك وتجمع بين الحقيقة والخيال في قالب إبداعي يضع هذه الرواية في مصاف الروايات العالمية . هكذا قدم لرواية ترجمان الملك للدكتور عمر فضل الله المفكر والباحث والكاتب الذي نشأ بالعيلفون وهي القرية المتاخمة لمدينة سوبا القديمة  عاصمة مملكة علوة ، والذي يعمل حالياً مديراً لمشاريع تقنية المعلومات وأنظمة الحكومة الالكترونية  بدولة الإمارات العربية المتحدة، له إسهامات متنوعة في العديد من مجالات العلوم والمعارف والأدب والفكر والدعوة وقد أشرف على تأسيس عدد من المراكز العلمية والبحثية بالسودان مثل مركز الدراسات الإستراتيجية والمركز القومي للمعلومات وهو شاعر وأديب له ديوان شعر (زمان الندى والنوار ) وترجمان الملك هى أولى رواياته. عرفتُ الدكتور عمر فضل الله في دولة الإمارات في أوائل التسعينات حين جاءها محاضراً في النادي العربي بالشارقة الذي كنت سكرتيراً له حتى عاد مرة أخرى مهاجراً وليقيم حتى الآن .

استطاع دكتور عمر فضل الله في ترجمان الملك أن يؤكد تفسير الدكتور عبدالله الطيب بأن أرض الهجرة الأولى المسماة الحبشة كانت هي مملكة علوة المسيحية  وعاصمتها سوبا.  أورد ذلك من خلال السرد الشيق لتفاصيل هجرة أصحاب الرسول صلى الله علية وسلم إلى مملكة علوة بتفاصيل رواية مزج فيها الخيال بالحقيقة فجعلها رواية ممتعه تقودك الى قراءتها وإكمالها  رغم أنها ضمت 356 صفحة من الحجم المتوسط .

اهتم الكاتب بتفاصيل العادات والتقاليد في ذلك  الوقت والتي تؤكد أنه بحث عميقاً في التاريخ وفي التراث لمملكة علوة المسيحية وتعمق في قصة هجرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم والحوادث التاريخية الموثقة التي أعطت الرواية صدقاً وبعداً يجعل القاريء لايصيبه أى شك في أن القصة بالفعل كانت أحداثها في سوبا .

الرواية بأسلوب سردها الشيق واهتمام كاتبها بالتفاصيل والحكايات التراثية وسرد التاريخ ودمجها مع الخيال المحبب الذى لايفسد القصة الحقيقية يجعل هذه الرواية في مصاف الروايات العالمية وهذا ماسيحدث إذ قدمت له عروض لترجمتها لأكثر من لغة خاصة أنها تحكي فصلاً هاماً في التاريخ الإسلامي وهي الهجرة الأولى للحبشة وملكها النجاشي .

mansi

منسي: إنسان نادر على طريقته

تصادف بعد قراءتي لرواية ترجمان الملك أننى قرأت عملاً روائياً قديماً للطيب صالح هذا الأديب العالمي، اسمه “منسي إنسان نادر على طريقته” هذه الرواية تشبه إلى حد كبير في أسلوبها رواية ترجمان الملك وهو مزج الحقيقة بالخيال والتي برع فيها الطيب صالح خاصة في روايته موسم الهجرة إلى الشمال التي نقل فيها العادات والتقاليد والتراث السوداني إلى العالمية .

أما منسى وهو شخصية بالفعل فريدة، مسيحي عربي اسمه يوسف مايكل بشطاوروس عاش في انجلترا وأسلم ليتحول اسمه إلى أحمد منسي استطاع الطيب أن يحول حكايته البسيطة ومغامراته وجرأته إلى حكاية ورواية شيقة جدا ً تسلط الضوء على هذه الشخصية الفريدة .

منسي هي آخر أعمال الطيب صالح والتي كتبها على حلقات في مجلة “المجلة” المعروفة وجمعت فى كتاب مؤخراً . ربما لم تجد رواية منسي حظها من الدعاية كما وجدت روايات الطيب صالح الأخرى ولكنها لاتقل روعة وأدباً عن رواياته الأخرى ولعلي أشرك القاريء في وصف الطيب صالح لمنسي في أول روايته – (في مثل هذا الوقت من العام الماضي توفى رجل لم يكن مهماً بموازين الدنيا ولكن كان مهماً في عرف ناس قليلين، كمثلي، قبلوه على عواهنه، وأحبوه على علاته، رجل قطع رحلة الحياة القصيرة وثباً وشغل مساحة أكبر مما كان متاحاً له وأحدث في حدود العالم الذي تحرك فيه ضوضاء عظيمة .)

  المصدر: صيحفة أخبار اليوم السودانية وصحيفة فنون وجريدة البلد أعداد 6 مايو 2013.