Ibrahim_Jibreel_Adamانطباعات هاوٍ للأدب الرفيع
د. إبراهيم جبريل آدم

  • غاية كلّ راوٍ وكاتب أن يترك نصّاً يخلّده التّاريخ وهو ميّت؛ أحسب أنّ ترجمان الملك يحقّق ذلك.
  • النّص تغلب عليه اللغة الإعلاميّة الإخباريّة لا الأدبيّة، غير أنّ السلاسة وجمال التصوير وغرائب الحقائق وسبك الحكي سدّ مسدّ اللغة الأدبيّة.
  • من الناحيّة الأدبيّة: السبك جيّد – وإن كان بالبداية بعض تفكّك فقرأت الرواية في جلسة واحدة- مشوّق سلسل فيه امتاع. ومن النّاحية العلميّة والتّاريخيّة يقدّم العمل معلومات مفيدة ذاتى قيمة عالية.
  • المعرفة التامّة بحقيقة تديّن الكنيسة الإفريقيّة ومقررات المجامع الكنسيّة متّن الحبكة الروائيّة، والحوار كالألمام بتاريخ سوبا وحياتها الإجتماعيّة ممّا وشّي النصّ حلية زاهية.
  • رغم تنوّع الأحداث وتفردها استطاع الكاتب أن يخلص لحبكة مقنعة بمهارة.
  • التحرك في فراغات الروايات التّاريخيّة بملئها بخيال مقنع يتجلّى في غير ما موضع ومن ذاك خطف النجاشي وبيعه رقيقاً ورحلة العبوديّة وتصرّف الحارسة والخاطفين وأثر ذلك على عقلية النّجاشي مستقبلاً.
  • إختيار الأسماء التّي لها جرس موافق: سيسي، أبيلو، دلمار، تانيشا، سنجاتا، بل حتّى الأرملة “بركة” من حيّ “الجنادل” مع أنّ العرب كانت تسمّي الرقيق بـ”نافع” و”ميسرة” و”ياسر” و”يسار” و”بلال” و”بركة” لأنّهم يسمونهم لخدمتهم. وأولادهم “حرب” “مرّة” “فهد” “كلاب” “صخر” “حجر” لحرب العدوّ … تجيئ تسمية الأرملة “بركة” التّي أحبت النساء العربيّات ومرافقتهنّ دلالة أنّ الاسم فاشٍ ومقبول لمدلولات تتجاوز الرقّ ومراراته.
  • “ساري الليل” في الثقافة السودانيّة هو الجراد حيت تتكامل أعداده بالآلاف بل والملايين فتطير ليلاً وتحجب ضوء القمر وحين تحطّ علي قرية تصبح وما فيها خضراء إلا وأكلها الجراد! كذلك وزراء الفساد ما تركوا خضراء إلا التهموها! موفّق جدّاً تخفّي الوزراء حول الشخصيّة الوهميّة “ساري الليل”.
  • نهاية “عمارة” الذي كاد المهاجرين تبرهن على أنّه (كما تدين تدان) والجزاء من جنس العمل.
  • تصوير كيد الوزراء الذين استطاعوا الفتك بوالد النجاشي وبيع النجاشي تصوير يذكرك بخدع ألف ليلة وليلة ومكر الساسة ودهائهم وشكّل الكاتب ذلك في الشخصيّة الوهمية “ساري الليل” الذي يتخفّي وراءه الوزراء لتنسب له كلّ الموبقات وهم في مأمن.
  • “سيمونة” وعالمها المرعب خبت نارها حين أضاء نور الإيمان وضعفت شياطينها، ويتّضح آخر الأمر خبث “يهود” وقوّة مكرهم ووقوفهم خلف أخسّ المؤامرات دون أن يحسّ بهم أحد، واستعدادهم التّام لدفع أيّ ثمن للوصول الخفي لأغراضهم.
  • الخاتمة الأدبيّة التّي أكملت جوانب المحبّة الر اقية باجتماع شمل تبدّد في غير ما وجهة يعوّض القارئ مرارة فقد “دلمار” في بداية الرواية.
  • موت “دلمار” المفاجئ مربك للقارئ وهكذا هي الحياة؛ تفارق فجأة من أحببته، بعد بناء شخصيّة روائيّة يحبّها القارئ يشقّ عليه فراقها –جرّبت ذلك من قبل يسألني النّاس: لماذا قتلت فلان؟- كأنّ “فلان” لا ينبغي أن يموت!
  • تسلّل مفردة “بليلة” العيش السودانيّة للنّص –خلسة- تجسّد محبّة قوم الكاتب للبلل والبليلة فمن الأسماء : البلّة والبلّولة والبلّال وأم بلينا (انبلينا).
  • اللهمّ نسألك “بلّة” لا جفاف بعدها! هيَ خواطر و”خطرفات” عنت لي. سلمتم من كلّ بلاء.