مراجعة رواية : آدم أسود وحواء بيضاء
المؤلف : عمر فضل الله
هي من أجمل الروايات التي قرأتها في حياتي
ستنقلك الرواية وستحكي لك مآسي الفقراء في المملكة المتحدة البريطانية وستخبرك بأن رغم المستعمرة الكبيرة التي كونتها بريطانيا فهي تضطهد الفقراء ولا تشفق عليهم بل كل أموالها حصر على العائلة المالكة وطبقة الأثرياء .. لقد نقلت لنا هيلين بقلم الدكتور عمر فضل الله تلك المآساة التي أبدع في تصويرها أديبنا المبدع فأشفقت على حالهم، ولكن مهلا! لا تتعجل فهذه المآسي التي عايشها الناس في بريطانيا لا تساوي شيئًا أمام المآسي التي عاشها أجدادنا في السودان.
لقد صور لنا الدكتور عمر فضل الله من خلال الرواية مجريات معركة كرري الخالدة حتى اقشعر جسدي وحزنت لحزنهم وما أحزنني أكثر هو أن السودانيين هم من هزموا بعضهم بسبب العصبية والقبيلة البائسة. وبسبب عدم التخطيط السليم فالدروايش في عهد الخليفة هم أسود ضواري لكنهم هجموا دون أي تخطيط على الجيوش البريطانية المصرية والسودانية المتكونة من الجعليين والشوايقة الذين أعمتهم نيران الإنتقام بسبب الفظائع التي ارتكبها بحقهم دروايش المهدي. ولكنهم لو تركوا عصبيتهم وقبليتهم جانبًا واتحدوا لصار السودان من أعظم وأقوى الدول اليوم.
ما استفدته من الرواية
1. من انتقد دكتور عمر فضل الله على اسم الرواية عليه أن يقرأ الرواية ليعرف سبب التسمية.
2. أن ما فعلته بريطانيا في كرري ليس سوى وحشية وجرائم حرب.
3. أن لا يغتر البشر بلون بشرتهم فكلنا خرجنا من تراب الأرض وإليه سنعود.
4. لو نبذ السودانيون العصبية القبلية المقيتة لانتصروا على جميع الأعداء لأنهم الأقوى والأشرس باعتراف القادة البريطانيين. حيث أن في جميع مستعمراتهم من الهند وباقي الدول رغم ما قدموه من تضحيات للذود عن أراضيهم فلم يفق أقواهم وأشجعهم وأشرسهم قوة وشجاعة وإقدام السودانيين.
5. مهما كان حالك سيئاً فهنالك من هم أشد سوءً من حالك فاصبر.
مشاهد تأثرت بها:
– مشهد الفتى ذي العشر سنوات الذي يبكي تحت جثة أبيه.
– ومشهد العملاق الذي أمسك بالراية رغم طلقات المدافع ورجم مدافع المكسيم الحارقة عليه.
– ومشهد العجوز العمياء التي أخذت تبحث عن ابنها وسط الجثث المتناثرة عن طريق الشم وما واجهته من جروح ومشاق لتحقيق ذلك.
– ومشهد هجوم الدروايش على الأعداء وهم يهتفون بصوت رجل واحد وكلما مات فوج قال الفوج الآخر (سِدُّوا الفَرَقة) والتي صارت صدى وكوابيسا تتردد على أذهان الأعداء.
– ومشهد الرجل الذي بترت إحدى قدميه فقطع الثانية التي كانت تتصل بجلده لكي لا تعيقه من الحركة فصار يتكيء على العصا دون أقدام.
– ومشهد الجرحى الرافضين لعلاج الممرضة هيلين حيث قام أحد المصابين الذي لا يقوى على الحراك بشتمها وعضها.
– ومشاهد غيرها كثيرة لن أذكرها لكي لافسد الرواية على من لم يقرأها
أخيراً:
كما ذكرت في ورقة سابقة أتمنى.. أتمنى أن تكون روايات دكتور عمر فضل الله منهجاً يدرس في مراحل التعليم في السودان لأن رواياته تعرفنا على تاريخ بلادنا وتلهب فينا الحماس والوطنية بصورة ماتعة ومشوقة على عكس كتب التاريخ الرتيبة والمملة وإضافة لذلك الفائدة اللغوية الكبيرة التي ستخرج منها بعد قراءتك لرواياته.
أختصر روايات عمر فضل الله التي تلمست فيها حبه وعشقه للسودان في الكلمات التالية وأختم بها ورقتي في قراءة رواية آدم أسود وحواء بيضاء
( المعرفة – الذخيرة اللغوية – الحكمة – حب الوطن – نبذ العصبية ).