Atyaffطيف التجلي ينقلك بين أحلام الكون القديم وواقع الكون الحديث ليدير ذهنك على عجلة الزمان منذ الحقبة الأَرْكِيّة، وحقب البدء، والحياة القديمة، إلى عصر المجموعات الاجتماعية والشبكة الدولية وزمن الفوضى والهوان. اسمع حكايته التي أملاها في الألفية الثالثة من عصـر بني الصلصال ضمن الحقبة الخامسة من حقب الدهر القديم لكوكب الأرض وكتبها عمر فضل الله في زمانكم هذا.

مقتطفات من (وحي بابل)

أحس أحياناً أن طيف أمي يسكن داخل جمجمتي ويطل منها عبر حدقتى عيني إلى العالم. حين أفكر في هذا أحس بلهيب تلسع حرارته قلبي وتنتقل إلى كل ما حولي. أمي تمتلك حقداً يتسع لكل هذا العالم ويفيض.

عفواً فقد نسيت أن أقول لك إن ظننت أنني أثرثر كثيراً فيمكنك أن تخبرني لأتوقف. فليس من الضروري أن تستمع لكل شيء، وأعتقد أن كثيراً مما ورد في مذكراتي لا يهمك في شيء، وقد تظن أنني أهذي، وفي واقع الأمر فإن كل ما أقصه عليك هو حقيقة أمري التي غابت عنكم يا بني الصلصال. كل ما في الأمر هو أنني أردت أن ألخص قصة حياتي التعسة لمن بعدي عله يتعظ بها. وبالصدفة كان البائس المسكين الذي كتب عليه أن يستمع إليها أو يقرأها هو أنت في هذا الزمان الكئيب من عمر بني الصلصال!! إنني أرثي لحالك وأنت تقرأ مذكراتي وتبغضها ثم أعجب لك وأنت تتشبث بصفحاتها وتقرأ في عناد وإصرار!!. حقاً إنني لا أفهمك. ياترى هل ترغب حقاً في المواصلة أم أنك لا تجد شيئاً آخر تفعله سوى القراءة؟

لا أريدك أن تجيب على سؤالي هذا ولا أن تعلق على اقتراحي لأنني – بالطبع – لن أتوقف عن رواية قصتي لأنك فقط لا تريد الاستماع إليها. ولو حدث أنك سددت أذنيك بأصابعك أو انصرفت في غير مبالاة فسوف أستمر في سرد حكايتي وبصوت عالٍ لعله يسمعها شخص عابر فيعيها أكثر منك أو ربما أكلم بها الجدران والتراب والأشجار، وقد أكلم نفسي أو أبث كلامي في الهواء ليبقى هناك منساباً بلا وجهة محددة.. ومن يدري فقد يكون هناك عالم آخر مواز لعالمكم هذا وتكون فيه مخلوقات عاقلة وقادرة على أن تسمع روايتي وتتعظ بها. أو قد يجيء في آخر الزمان من لديه القدرة على استعادة هذا الكلام من الأثير وسماعه والاستفادة منه. أظن أن مثل هذا أصبح ممكناً أو قريباً من الإمكان في زمانكم.. لو نجح بنو الصلصال في هذا لتمكنوا من سماع الحوار بين أبيهم آدم وأمهم حواء. أو لربما سمعوا هدير أمواج الطوفان في عهد نوح أو استغاثة فرعون مصر حين أطبقت عليه أمواج البحر.

نحن في عالم الأطياف نستطيع إذا أردنا أن نستعيد كلام الأسلاف السابقين وحواراتهم فما هو إلا أن نطلب من الأرواح القديمة أن تحدثنا فتنطلق في حكاية لا تنتهي تروي وتروي وتروي ولا تريد أن تسكت.

اطلب مني ما شئت فأنا رهن إشارتك. هل ترغب أن تسمع همسات القائد الروماني «مارك أنطونيو» وهو يسكب أعذب كلمات الغزل والحب في أذن «كليوباترا» المصرية؟ أو ربما ترغب في مشاركة «روميو» و«جولييت» ليلة من ليالي الحب؟ أو «لانسيلوت» و«غوينفير» أو«تريستان» و«أيسولد»؟ ما رأيك أن أنقل لك ساعة واحدة من سويعات «هيلين» زوجة «مينيلوس» ملك «اسبارطة» التي كانت أجمل النساء في ذلك الوقت والتي وقع «باريس» ابن ملك «طروادة» «بريام» في حبها وخطفها وعاد بها الى «طروادة» ذلك الحب الذي أدى إلى تدمير «طروادة». أنا أحب هذا النوع من العشق الذي ينتهي بتدمير المدن وخراب الأمم. طبعاً أنت تعلم أن ذلك العشق أغضب اليونانيين الذين جمعوا جيشاً جرارا لاستعادة «هيلين» ودمراوا «طروادة» وأعادوا «هيلين» إلى «اسبارطة» لتعيش مع زوجها «مينيلوس» بقية حياتها.

بالطبع أنا أعلم أنك في قرارة نفسك يعجبك مثل هذا الكلام وتحب سماع هذا النوع من القصص. وأظن أن الفصل الأول من قصة حياتي قد أوحى إليك بالكثير من الأفكار، ولربما تكون الآن قد فكرت في سرد قصة حياتك. أريدها مجردة مثل سيرتي، بلا أكاذيب أو تلفيق . هكذا.. حقائق مجردة من كل ثوب. هل تجرؤ؟

***